لماذا لا يعتني الحكام العرب بالدولة مثلما تعتني نساؤهم بأجسادهن ؟!
يمنات
معاذ الاشهبي
النساء العربيات المهووسات بخطط تخفيف الوزن، وخصوصاً المدركات منهن لأهمية تظافر الأداء الذهني مع النظام الغذائي الصارم في خطة التخلص من الوزن الزائد “التخسيس” والحيلولة دون استعادة الوزن المفقود، قد يمتلكن رؤية جديرة بالاهتمام في مسألة بناء الدولة، ربما بطريقة أفضل من تلك التي يتبناها الحكام العرب أنفسهم !
في الدول النامية طبقة سياسية طفيلية وفاسدة تعمل على دفع الناس للاعتقاد بأن بناء الدولة مشقة كبيرة وتحد لا يضاهى وجهد يتطلب عقوداً لإنجازه ومعركة أشبه بحرب ضروس، رغم أن الأمر لا يتطلب أكثر من العمل والاخلاص والانتماء والكف عن الفساد لتصبح الدولة حقيقة وكيان قادر وفي متناول أيدي الناس ومبعث اعتزازهم، تماماً كنظام “التخسيس” الذي تخضع أي امرأة واعية ومدركة لمتطلباته؛ ففي الوقت الذي يُشكل فيه حُسن اختيار الأطعمة أساساً لخطة تخفيف الوزن الصحية، فإن التوجهات الذهنية الايجابية وممارسة الأنشطة البدنية بانتظام شرطان جوهريان لتلافي أي انتكاسة تُعيد ما نجحت في فقده من وزن غير مرغوب فيه !
لدى الحكام العرب زوجات وبنات وشقيقات، وربما ما يكفي من المحضيات، على قدر كبير من الوعي بأهم التوصيات الذهنية لأنظمة “التخسيس” وأكثرها نجاعة. ومن ضمن النصائح التي ساعدتهن في رحلة التخلص من أوزانهن الزائدة، والتي قد تساعد “سيد القصر” في مهمة بناء الدولة، التوصية بأهمية امتداح النفس وتجنب انتقادها، عبر تشجيع الذات على الأداء الجيد مع البدء بمباشرة النظام الغذائي الجديد؛ لأن انتقاد النفس يحطم المعنويات والامتداح يقويها.
والملاحظ أن الحكام العرب فاشلون في إطراء أوطانهم وامتداح الصفات المميزة لبلدانهم وتاريخها وإرثها وتقاليدها وثقافاتها، وبارعون في انتقاد ولوم مواطنيهم، بل وشتمهم أحياناً، واستعطاف الآخرين واستجدائهم والحديث بكآبة عن التهديدات والتحديات والمصاعب والمخاطر والأزمات !
وكغيرهن من النساء، تعرف “سيدات القصر” أن “التخسيس” يتطلب الصبر والتلطف مع النفس؛ لأن التخلص من العادات الغذائية القديمة وإدخال التغييرات الايجابية الجديدة لا يتحققان بين ليلة وضحاها. وبوسعهن طالما كُنَّ بالقرب من الحكام العرب لفت انتباههم إلى أن الصبر والتلطف مع النفس في مسألة بناء الدولة، يتطلبان الكف عن تبديد موارد البلد في إنغماس متعسف وقسري يزعم إدخاله في عصر التكنولوجيا وإقامة حكومات أليكترونية مثلاً، فيما تسود الأمية بين مواطنين بسطاء لا يزالون يحلمون ببنى تحتية تسهل طرق حياتهم ويفتقرون للحد الأدنى من الرعاية الصحية !
كما يعرفن أيضاً أن الاعتناء بأجسامهن يتطلب تحسين ثقافتهن الغذائية والتعرف على الأطعمة التي يحتاجها الجسم لمده بالطاقة الكافية دون زيادة في الوزن، لكني أجهل مدى قدرتهن على إخبار الحكام العرب أن مثل هذه العناية، في ما يخص بناء الدولة، تتطلب تحسين الثقافة الوطنية والاعتزاز بها، والتيقن بأن حل مشكلات البطالة مثلاً يستدعي إنشاء مصانع لا زيادة مخصصات الضمان الاجتماعي، وأن الرهان على السياحة كمورد اقتصادي لا يعني استقطاب العدد الأكبر من الأجانب وخفض التكاليف فحسب، بل يتطلب تنقيباً آثارياً وطنياً، والكشف عن الموروث ونشره والفخر به، والانفتاح على الشعوب والثقافات وتحسين صورة البلد !
أخيراً، تتفهم النساء المنخرطات في نظام صارم وجاد لـ”التخسيس” أهمية مساعدة صديقاتهن أو الانتساب إلى نواد “التخسيس” أو الانضمام لمجموعة تمارس المشي مثلاً، للحصول على دعم إجتماعي. وفي المقابل، لا يمنح الحكام العرب تقديراً كافياً لحقيقة أن بناء دولة حرة ومستقلة وذات سيادة يستدعي إقامة علاقات واسعة ومتوازنة مع باقي الدول، وتوسيع دائرة التحالفات التي تُبقيها بعيداً عن إستقطاب الأقوياء ووصايتهم عليها وإلحاقها بهم وتبعيتها لهم !